In “Deconstruction once again: Patience and Humility of Rereading” Amani Aburahma discusses her understanding of deconstruction based on her studies of Jacques Derrida’s work. In the Article that was published in 28 Magazine’s third edition titled “حالة” (Engl. ‘Mode’ or ‘Status’), Aburahma opposes the common misconception that deconstruction is just another tool or technique to reread a text.
التفكيكية مرة أخرى : الصبر وتواضع إعادة القراءة
رفض دريدا في مناسبات عديدة أن يمنحنا تعريفا دقيقاً للتفكيكية التي بشّر بها. وعلى الرغم من ذلك فإن أبسط الطرق لمقاربتها هو البحث عن الافتراضات التي تقوم عليها، إذ خلافا لما يعتقده البعض، فإن التفكيكية ليست وسيلة أو تقنية أخرى لقراءة النص كما أنها ليست أداة مفاهيمية تمكننا من فك مغاليقه، وتقوم التفكيكية على عدة فرضيات حول اللغة والواقع وما يمكن ان يحدث حال تقاطعهما. أما المعطى الحقيقي للتفكيكية فهو أنها مكنتنا من فهم كيف تراوغ اللغة أيَّ صيغ أو تشكيلات سهلة، وتأثير ذلك على البشرية وعلى معتقداتها. وبهذا المعنى فإن التفكيكية ليست فلسفة، ولكنها حدس أو تبصر بحقيقة ما تم تركيبه باللغة في صورة نصوص سواء كانت شعراً، أو روايات، أو فلسفات، أو خطباً، أو تصريحات سياسية، أو تاريخاً…..الخ. وعلينا أن نتذكر أن دريدا قد صاغ تفكيكيته في إطار ما بعد البنيوية وتبعا لذلك فإن العلامات لا تمتلك معنى وظيفياً إلا ضمن شبكة من العلاقات الثنائية مع علامات أخرى. أي أن العلامات لا تمتلك معنى لأنها تطابق شيئا واقعياً أو جوهرياً، ولكن لأنها تنشأ ضمن شبكة من الثنائيات المتقابلة، والمتضادة والمختلفة التي تشكل اللغة في النهاية. الأهم من ذلك هو أن مبدأ الثنائيات المتضادة هذا لا يقتصر على الكلمات في اللغة، ولكنه ينسحب الى مفاهيم مركزية في فكر الإنسان مثل الحقيقة، والضلال، والخير، والشر، والجمال، والقبح…..الخ. إن أهم مخرجات هذا التحليل هو ما أطلق عليه دريدا التمركز العقليlogo-centrism أو التمركز حول اللوغوس. بمعنى أن كل المعرفة الحقيقية متجذرة في دال متعال موجود في الاساس خارج / وما وراء الثنائيات المتعارضة التي تتضمن هذه العلامات. هذا الدال المتعال يمكن أن يكون الله، فكرة، أو الذات، أو الروح، أو الكينونة. إنه أساس كل فكر، وثقافة، و لغة، وأساس كل الأحكام القيمية في العالم بلا منازع. كما أنه أيضا أساس الثنائيات المتضادة التي تتركب من خلالها الحقيقة، بمعنى أوسع فإن هذه الثنائيات تضم متضادات رئيسية من مثل : الخير/ الشر، الروحية / المادية، الإلوهية / البشرية، المعقول / اللامعقول إلخ…. كما أن لكل هذه المتقابلات نظاماً هيكلياً يقذف بكل الدونيات نحو الهامش بحيث لا تعرض إلا بوصفها ملاحق أو تكملات غير أساسية. هذا الهامش وتلك الزوائد هي اهتمامات التفكيكيين
إن التفكيكية برنامج نقدي إن جاز التعبير لتفكيك الطبقات الخفية من المعاني في النص (بالنسبة لدريدا فإن كل شيء نص : القصة نص، القصيدة نص، الكتاب الفلسفي نص، اللوحة نص، المبنى المعماري نص (… وإظهار احتماليتها المطلقة واعتباطيتها. كما أنه يهدف الى هدم تحيزات التمركز الكلامي في النص من خلال حل المعارضات الثنائية التي يقوم عليها. وفي النهاية، فإن كل نص يقوض افتراضاته الخاصة، ويعترف بعدم قدرته على إنتاج مصداقيته الذاتية. يرفض التفكيك أي منظور يزعم أننا نستطيع فهم وتمثيل الحقيقة، والنتيجة هي الاعتقاد بأن اللغة تحدد أو تعرّف الحقيقة ولكنها لا تمثلها. وأن خبرتنا عن الحقيقة هي نتيجة اللغة (لا مانعَ من استخدامِ لغةٍ توحي بما لا تقصُدُه..)، وأن أي محاولة لتحديد معنى النص تُقوض بوساطة منطقه الذاتي، وتناقضاته، وميوعته، وتشظي المعنى والاختلاف : إنها فلسفة المثالية اللغوية linguistic idealism، التي تقول أننا نخلق العالم الذي نعيش فيه بتوظيف لغة تابعة للعقل وللتصنيفات الاجتماعية. وتكمن الصعوبة في كيف يمكن أن نُعطي شكلاً حرفياً لهذه الرؤية بحيث لا تتعارض مع حقيقة أننا اللغة التي أصبحت في فكر ما بعد الحداثة نظام غير مستقر للمرجعيات، بدلا من كونها نموذجاً مضبوطاً للمعنى. وفي اللحظة التي نعتقد فيها أننا قد ارتطمنا بمعنى النص، فإننا ملزمون بمواجهة نتيجة ما قمنا به، لأن حصيلة تفكيكنا تحمل دائماً خطر بناء النص من جديد. ولا سبيل للخروج من هذا (التفاعل اللانهائي بين الدلالات ). كل ما علينا هو الاعتراف بها وربما أن نتعلم بصبر وتواضع إعادة القراءة، والتفكيك والتركيب من جديد.